الأحد، 17 أكتوبر 2010

صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم

صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم
جمعها الشيخ سيدي باب بن الشيخ سيدي محمد بن الشيخ سيدي الكبير
(م: 13 ربيع الأول 1277هـ / 29 سبتمبر 1860م)
(ت: 3 جمادى الثانية 1342هـ - 10 يناير 1924م)
رحم الله السلف وبارك في الخلف

طبع وتحقيق ونشر :
إسحاق ولد موسى

بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم
كان صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة قال الله أكبر ولم يقل شيئا قبلها ولا يلفظ بالنية ويرفع يديه مع التكبير ممدودتي الأصابع مستقبلا بهما القبلة إلى فروع أذنيه وروي إلى منكبيه ثم يضع يمناه على ظهر يسراه ثم يقول سرا : "اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسل خطاياي بالماء والثلج والبرد" كما ثبت في الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم قال لأبي هريرة لما سأله ما يقول في سكوته بين التكبير والقراءة وروي عنه غير هذا من الاستفتاحات لكن ما في الصحيحين أصح ثم يقول أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه فالأول الجنون والثاني الكبر والثالث الشعر، وكان يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم تارة ويخفيها تارة ويتركها تواتر كل ذلك عنه ثم يقرأ الفاتحة وكانت قراءته مدا يقف عند كل آية ويمد بها صوته فإذا فرغ من قراءة الفاتحة قال آمين فإن كانت الصلاة جهرية مد بها صوته وقالها من خلفه حتى إن للمسجد للجة وقال صلى الله عليه وسلم إذا أمن الإمام فأمنوا فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه أخرجه الشيخان فإذا أمن صلى الله وسلم سكت صح عنه ذلك من حديث سمرة بن جندب وأبي بن كعب وغيرهما وقال العلماء هذه السكتة لأجل قراءة المأموم فعلى هذا ينبغي تطويلها بقدر قراءة الفاتحة ثم يأخذ في سورة وكان يطيلها تارة ويخففها تارة ويتوسط فيها غالبا فإذا فرغ من قراءتها سكت بقدر ما يتراد إليه نفسه ثم رفع يديه كما تقدم وكبر راكعا ووضع كفيه على ركبتيه كالقابض عليهما وجافى يديه عن جنبيه وبسط ظهره ومده واعتدل ولم يرفع رأسه ولم يخفضه بل يجعله حيال ظهره معادلا له ثم يقول سبحان ربي العظيم ثلاث وتارة يقول مع ذلك مقتصرا عليه سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي وكان ركوعه المعتاد مقدار عشر تسبيحات ثم يرفع رأسه ويديه كما تقدم ويقول سمع الله لمن حمده فإذا استوى قائما قال ربنا لك الحمد وربما قال اللهم ربنا لك الحمد ملء السماوات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد أهل الثناء والمجد أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد ويمكث حتى يقول القائل نسي من إطالته لهذا الركن ثم يكبر ويخر ساجدا ولا يرفع يديه ويضع ركبتيه قبل يديه ثم يضع يديه ثم يضع جبهته وأنفه هذا هو الصحيح ولا يسجد على كور العمامة بل كان سجوده الغالب على الأرض وربما سجد على الماء والطين وعلى الخمرة المتخذة من خوص النخل وعلى الحصير المتخذ منه وعلى الفروة المدبوغة وكان إذا سجد مكن جبهته وأنفه من الأرض وجافى يديه حتى يرى بياض إبطيه ولو شاءت بهمة وهي الشاة الصغيرة أن تمر تحت يديه لمرت ويضع يديه حذو منكبيه وأذنيه ويعتدل في سجوده ويستقبل بأطراف أصابع رجليه القبلة وكان يقول سبحان ربي الأعلى وأمر به وكان يقول أيضا سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي وكان يقول أيضا اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك وكان يقول أيضا اللهم اغفر لي ذنبي كله دقه وجله وأوله وآخره وعلانيته وسره اللهم اغفر لي جدي وهزلي وخطإي وعمدي وكل ذلك عندي والأدعية الواردة عنه في السجود كثيرة وأمر فيه بالاجتهاد والدعاء وقال إنه قمن أن يستجاب لكم وقال ربيعة بن كعب الأسلمي وقد سأله مرافقته في الجنة أعني على نفسك بكثرة السجود وقال ما من عبد سجد لله سجدة إلا رفع الله له بها درجة وحط عنه بها خطيئة ثم يرفع رأسه مكبرا غير رافع يديه رافعا رأسه قبل يديه ثم يجلس مفترشا يفرش رجله اليسرى ويجلس عليها وينصب اليمنى ولم يحفظ عنه في هذا الموضع جلسة غير هذه ويضع يده اليسرى على ركبته اليسرى ويضع حد مرفقه الأيمن على فخذه اليمنى ويعقد ثلاثا من أصابعه ويحلق بواحدة ويشير بأصبعه السبابة يدعو باللهم اغفر لي وارحمني وأهدني وعافني وارزقني وكان يقول أيضا رب اغفر لي ثلاثا أو أكثر ويطيل هذا الركن حتى يقول القائل قد نسي كما يفعل في القيام بعد الركوع وقد ترك أكثر الناس الطمأنينة في هاذين الركنين فضلا عن السنة فيهما والله الموفق. ثم يكبر ساجدا ويفعل كما يفعل في سجوده ثم ينهض مكبرا معتمدا على فخذيه ولا يعتمد على الأرض بيديه وقال مالك بن الحويرث كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان في وتر من صلاته لم ينهض حتى يستوي جالسا أخرجه البخاري وأبو داوود والترمذي والنسائي وهذه الجلسة تسمى عند أهل العلم جلسة الاستراحة واختلفوا فيها هل هي من سنن الصلاة فتستحب لكل مصل أو إنما يفعلها من احتاج إليها فذهب الشافعي في مشهور قوليه وإسحاق إلى سنيتها وإلى ذلك رجع أحمد بن حنبل وذهب كافة فقهاء الأمصار إلى عدم سنيتها وكان صلى الله عليه وسلم إذا نهض افتتح القراءة ولم يسكت كما يسكت عند افتتاح الصلاة لأن الاستفتاح لمجموع الصلاة فيكفي استفتاح واحد لأنه لم يتخلل القراءتين إلا الذكر ثم يصلي الركعة الثانية كالأولى إلا في أربعة أشياء السكوت والاستفتاح وتكبيرة الإحرام وتطويلها فإنه كان لا يستفتح ولا يسكت ولا يكبر للإحرام فيها ويقصرها عن الأولى فإذا جلس للتشهد الأول فعل كما تقدم بين السجدتين سواء ثم يقول ما أخرجه الشيخان وغيرهما عن ابن مسعود قال التفت إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إذا صلى أحدكم فليقل التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وقال محمد بن يحيى الذهلي هو أصح ما روي في التشهد وقال مسلم إنما أجمع الناس على تشهد ابن مسعود لأن أصحابه لا يخالف بعضهم بعضا وغيره قد اختلف عنه أصحابه وقال البزار أصح حديث عندي في التشهد حديث ابن مسعود يروى عنه من نيف وعشرين طريقا ولا نعلم في التشهد أثبت منه ولا أصح إسنادا ولا أثبت رجالا ولا أشد تضافرا بكثرة الأسانيد والطرق وقال الترمذي هو أصح حديث روي في التشهد ثم أسند عن خصيف قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقلت يا رسول الله إن الناس قد اختلفوا في التشهد فقال عليك بتشهد ابن مسعود هـ. وكان صلى الله عليه وسلم يخفف هذا التشهد ثم ينهض مكبرا رافعا يديه حتى يحاذي بهما منكبيه كما فعل عند افتتاح الصلاة ولا يمكث بالتكبير حتى يستقل قائما كما يفعله متأخرو المالكية ثم يفعل صلى الله عليه وسلم في بقية صلاته كما فعل في أولها فإذا كانت الجلسة التي فيها التسليم قدم رجله اليسرى ونصب اليمنى وقعد على مقعدته ثم تشهد التشهد المذكور ثم قال اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم وأعوذ بك من عذاب القبر وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال وأعوذ بك من فتنة المحيى والممات اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم ثم يسلم عن يمينه السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وعن شماله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته روى ذلك من فعله صلى الله عليه وسلم خمسة عشر صحابيا سرد صاحب الهدي النبوي أسماءهم وكان صلى الله عليه وسلم إذا سلم من صلاته استغفر الله ثلاثا وقال اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا راد لما قضيت ولا ينفع ذا الجد منك الجد اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ولم يمكث مستقبل القبلة إلا مقدار ما يسلم ثم يسرع الانفتال إلى من خلفه منفتلا عن يمينه تارة وعن يساره أخرى وقال صلى الله عليه وسلم من سبح الله دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين وحمد الله ثلاثا وثلاثين وكبر الله ثلاثا وثلاثين وقال تمام المائة لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير غفرت خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر وقال من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة إلا الموت انتهى ملخصا من الكتب الستة ومن شرح مسلم للنووي والأذكار له أيضا والإحياء وشرح الزبيدي له صح وزاد المعاد وبلوغ المرام وشرحه ومنتقى الأخبار وشرحه صح، والبداية لابن رشد الحفيدي صح، وكتاب الصلاة لابن القيم وفتح الباري والمواهب وشروحها وغير ذلك.

هناك تعليقان (2):